الخميس، 25 سبتمبر 2014

تقييم العمل*لنقرأ الحسين_عبد الرضاا معاش

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم في عافية منا وارحمنا بهم يا كريم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )

تقييم العمل يتعلق بالدوافع والعلة الغائية لكل عمل، فكل عمل يقوم به الإنسان لا بد أن تكون له منطلقات وعوامل ودوافع وعلى غائية حيث لا يتمكن البشر من التعرف على حقيقة الدوافع. نحن كبشر لا نتمكن أن نقرأ باطن الآخرين وما تحويه أفكارهم ولكن الله لأنه يحيط بالماورائيات والصفوة من خلقه يستطيع الإطلاع على ذلك، مما يقودنا إلى حقيقة أن لو شخصان قاما بنفس العمل ولكن أحدهما من أجل صلاة الجماعة والتقرب لله تعالى والآخر من أجل لقاء بعض أصدقائه، هل صلاتهما مثل بعضهما؟ كذلك الذهاب للفاتحة ومجلس العزاء البعض يذهب للمواساة والبعض يذهب من أجل المصلحة فالمنطلقات تختلف من شخص لآخر. الأمر الذي يقودنا أيضًا لقضية أخلاقية في مجتمعنا فبعض ممن يسمون بالملتزمون يحتاجون إلى مراجعة لأفعالهم، قضية النوايا والحكم على الآخر دون علم ( سوء الظن ) والقرآن يأمرنا باجتناب سوء الظن، عندما ننظر لعمل الإنسان نحكم عليه بأمر ما ونسيء الظن إليه، في مجتمع المتدينين يقوم شخص بعمل أو كلمة يأولونها كيفما يشاؤون ! نحن لا نملك علم الغيب لنحكم على أفكارهم وسلوكهم. كيف نحكم على أفعال الناس ؟ والحكم لله والصفوة من أوليائه. أمير المؤمنين يقول حتى فيما لو رأيت سلوكًا سلبيًا اطلب له عذرًا، إن رأيت أحدهم يمشي أمام السينما فلا تحكم عليه بالدخول إليها احكم بأنه لديه عمل بالقرب من السينما، إن رأيت أحدهم ذاهب إلى تاينلد فكر بأنه قد يكون آتي للعلاج، أحدهم إن رأيته في فندق سيء ربما قد جاء دون دراية. الشهيد الثاني رحمه الله يقول أنك لو شممت رائحة الخمر من فم إنسان فلا يجوز أن تحكم عليه أنه شرب الخمر، إن رأيت إمرأة مع رجل لم تحكم عليهما أن بينهما علاقة؟!! إن سمعت فتاة تحدث رجلاً في الهاتف لم تحكم عليها وتسيء الظن بها ؟ ربما تكلم أبيها، أخيها فقد تقول لهما " حبيبي " ، " عزيزي" أين المشكلة ؟!! الكثير من المشاكل بين الزوجين والطلاق هي قضية سوء ظن من الطرفين، سوء الظن يؤدي إلى الغيبة هي أن تذكر الآخرين بما يكرهون، التائب من الغيبة هو آخر الداخلين للجنة وإن لم يتب فإنه أول الداخلين إلى النار، ( الغيبة أشد من الزنا ) في يوم القيامة يجد الناس لهم كجبل تهامة أو الهيملايا ولكنها لا تساوي جناح بعوضة لأنها مليئة بسوء الظن، لذلك الله تعالى يوحي إلى موسى بن عمران يقول له ( اخلص العمل فإن الناقد بصير بصير ).

أعمالنا ما هي دوافعها ؟
دوافع أعمالنا مهمة، مسجد ضرار مثالاً ينزل جبريل ويأمر بهدمه وحرقه وتحويله لمحل للنفايات لأنه بُني من المنافقين لإثارة الفتنة فلم يبنَ على التقوى. مجموعة من اليهود كانوا عند الرسول وأسلموا على يده سألوه عن الخليفة بعده فنزلت الآية الشريفة ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )، ذهبوا للمسجد ووجدوا سائل فسأله الرسول عن ما إذا كان أحدًا أعطاه شيء، أشار إلى أمير المؤمنين فقد أعطاه وهو في حالة ركوع، إذًا أمير المؤمنين يدخل سائل للمسجد يجعل الله آية للولاية، آيات كثيرة لولاية أمير المؤمنين ولكن هذه الآية تكفي، ( إنما ) أداة حصر، إذا هو لا غير ثم يذكر الله ورسوله والجميع يتفق على أن ( الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) أنه علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما ننظر للدافع الذي كان لدى أمير المؤمنين، الدافع هو مرضاة الله. يآتي آخر من المسلمين ويتصدق بستين خاتم القرآن ينزل قرآنًا في ذمه ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى )، فالدافع كان مصلحة.

إنطلاقة الإنسان وعمله يبين حقيقته، في مجتمعنا حتى الرياء فلو صلى الإنسان صلاة بقصد لفت نظر الآخرين فإن الصلاة باطلة ولا بد من قضائها وكذلك كل عباداتنا حتى الصدقة إن كانت رياء فهي باطلة. أناس من بني أمية كان اندفاعهم الله قالوا ( أخير نفسي بين الجنة والنار والله لا اختار على الجنة شيئًا ) العالم الغربي يقول ( ما رأيت موقفًا في التاريخ كموقف الحر بن يزيد الرياحي ) رجل كان قائد منتصر حسب القوانين العسكرية كان دافعه الله، الحر بن يزيد الرياحي أعطاه الإمام الحسين صفة فقال فيه ( أنت حر كما سمتك أمك ) وله الآن مقام في كربلاء مما يدل على مكانته، وهب الرجل النصراني الذي كان دافعه الله، زهير بن القيم كان عثمانيًا جاء مع الحسين وكانت انطلاقته من أجل الله وليس الجاه والسلطة، من خرجوا مع الحسين من المدينة فاقوا الألف ولكن أين ذهبوا؟!! بقت الصفوة فقط.
الإنسان الذي يشعر بالتذبذب يوم مع أهل الحق ويوم مع أهل الشر، اندفاع الإنسان يؤثر في حياته، لو كان دافعنا الله في عملنا تعاملنا سيختلف مع الله وأهل البيت، نذهب للمسجد من أجل الله وإن قابلنا أصدقاؤنا هناك فلا بأس، نذهب للحسينية من أجل الحسين ثم لنا أغراض دنيوية كهدف ثاني، السيد العلوي خرج من البحرين مع قافلة من الزوار لزيارة الحسين، زاروا ثم أرادوا الرجوع، صاروا بعض من جماعته يستهزئون به ( الإستهزاء بالمؤمن حرام، المزح له حدود أيضًا، المزح باليد يؤدي للبغضاء، لا بأس بالمزح الخفيف، أي مزح يؤدي للإيذاء حرام ) سألوه حصلت أم لم تحصل الصك؟ أخبروه أنهم جميعًا حصلوا على الصك عداه وأخبروه بأن زيارته لم تكن مقبولة، ذهب مسرعًا للحسين عند الضريح صار يحدث الحسين ويسأله عن الصك وبكى وتوسل بالحسين، آنذاك أخذته غفوة فرأى الحسين يوزع صك قبول الزيارة فأعطاه الصك وصك آخر هو صك عتقه من النار يوم القيامة، أفاق من غفوته عند الضريح وإذا بالصك بين يديه، أخذ الصك بيده وجاء لمن معه فرحًا وأخبرهم بأنه حصل على صكين لا صك واحد فقط، صاروا يبكون جميعًا، عاد الرجل العلوي للبحرين وعُرف بـ ( عتيق الحسين ).

من اندفعوا مع الحسين وضحوا معه، من يذهب لزيارته، إن كان شرعي فبه ميزان، في الزيارة نقرأ (وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة)، الإمام الحسين قدم مهجته وروحه من أجل استنقاذنا من الجهل المستنقع، الإنسان دون أهل البيت لا يرى طريقه، إنطلاقة الحسين واندفاعه من أجل تخليص الناس وتوجيههم للخير والهداية، زائر الحسين له درجات، حديث الرسول مع عائشة عندما سألته في القضية المشهورة ( يقول من زاره له حجة،.... بل حجتان ....... بل ثلاث .................... بل تسعين حجة ) يقول حتى يصل إلى 90 حجة فسكتت عائشة ولو زادت لزاد الرسول. ماذا نفهم من هذا؟ الاندفاع للزيارة يؤثر في جزاء هذه الزيارة، البعض يذهب لكربلاء لأنه لم يذهب من قبل فله جزاءه، البعض يذهب لأن له أهل وأقارب في كربلاء، البعض يذهب لمواساة سيدتنا الزهراء عليها السلام فقط، الله تعالى يتباهى بزوار الحسين بجميع درجاتهم عند ملائكته كما يُباهي بالواقفين في عرفة، من يخرج من بلده بمجرد النية ملائكة السماء تستبشر،عند الوصول لكربلاء الملائكة تصافح زائر الحسين وتمسح وجهه، وهُنا التفاتة بأن الإخلاص في زيارة الحسين مطلوبة ولكن للجميع هذه الكرامة والمنزلة لأن الذهاب للحسين بأي علة غائية لها مكانتها عند الله تعالى. زائر هندي يأتي لكربلاء ويبقى فيها 6 أشهر ولكنه لا يدخل للصحن أو الضريح ( هُنا إشارة للإحترام والدخول للحسين بكل أدب والبقاء بطهارة ووضوء كما كان الإمام الصادق عندما اغتسل في الفرات ويذكر الله مع كل خطوة ) سأله أحد العلماء عن ذلك فأخبره أنه لا يتمكن من ذلك، حين تأتي صورة كربلاء والحسين على الرمضاء والخيل تدوس صدر الحسين وبنات الرسالة لا أستطيع الدخول، أمسكه أحد العلماء ودخل به إلى الصحن وهو يبكي قبل أن يصل شهق شهقة ومات. السيد رضا أحد أئمة الجماعة في النجف كان خارجًا مع أهله لزيارة الحسين مشوا مع قافلة وصلوا إلى النُخيلة، فقد أهله وتألم كثيرًا سأل أبا القافلة، أخبره بأنهم ربما ذهبوا مع القافلة الأخرى، دخل الغم في قلب السيد وقد كان لهم بيت في كربلاء يذهبون له كلما جاؤوا لزيارة الحسين عليه السلام، وصلوا وذهب للبيت وإذا بزوجته تفتح الباب سألهم عمّا جرى، أخبرته بأنهم لم يجدوه في النُخيلة، جاع الأطفال فأخرجت قدر من النحاس فتحته سقط الغطاء على القدر، أصدر صوتًا خافت الدابة فهربت، حاولت اللحاق بها فلم تتمكن، في البيداء صاروا ينادون ( يا أبا صالح المهدي ) وصارت تُنادي وأولادها الصغار ( يا صاحب الزمان )، ( يا ابن الزهراء ) وإذا بهم يرون رجل ذو هيبة ووقار، حتى الدابة هدأت، أخذ بأيدينا وأركبنا الدابة ودلنا بالطريق إلى كربلاء، سألته الزوجة عمّن يكون فأخبره أنه يأخذ بيد كل من يضيع في الطريق لزيارة الحسين ويدله الطريق.. صاحب الزمان مع الزوار ..

أشد ما يبكي صاحب الزمان بدل الدموع دمًا هو سبي عمته زينب من بلد إلى بلد ..

( مولاي يا صاحب العصر أدركنا .. فليس لنا ورد هنيئٌ ولا عيش لنا رغد .. طالت علينا ليالي الإنتظار فهل .. يا ابن الزكي لليل الإنتظار غدُ .. يا ابن الحسن .. يا ابن الحسن .. مولاي .. يا ابن الحسن .. يا ابن الحسن )

· جميع الأعمال العبادية لا بد من النية، حتى في النيابة، لو أعطاكَ شخص مال لأداء عمرة نيابة، فلا يجوز القيام بنيابتين أو أكثر من ذلك في آن واحد إلا لو كان العمل من تلقاء نفسك فلا إشكال في وجود اكثر من نية، يأتي رجل للإمام الصادق ويخبره أنه يذهب لزيارة الحسين عليه السلام وفي كل مرة يوصيه الكثير من أهل مدينته بالزيارة، قال له الإمام بأن ينوي زيارة واحدة. فهناك فرق بين العمل الواجب والعمل المستحب، لا يجوز أن نقوم بنية في صلاة القضاء مثلاً كأن نصلي مرة وننويها بأكثر، كل صلاة يجب أن تُقضى بصلاة، البعض يأتي برواية عن صلاة تُصلى عن قضاء لكل ما فات الإنسان من صلوات هذه الرواية غير موجودة وإن وُجدت فسندها غير صحيح، الواجب يُقضى كيفما لم يُصليها، وبحسب الترتيب، صلاة القضاء القصر تُصلى قصر والتمام تمام. 
· النية القلبية تكفي في ذكر الأعمال، لا يُشترط التلفظ بها، في الحج مستحب التلفظ ولكنه ليس واجب، أما في سائر العبادات والأعمال فليس هنالك حتى استحباب، الخطأ في التلفظ باللسان أيضًا لا يؤثر في العمل. 
· أي عمل من دون نية لا يُتقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق